فصل: تفسير الآيات (26- 28):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (26- 28):

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)}
وأخرج الفضل بن شاذان في كتاب القراءات بسنده، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ: {إنني بريء مما تعبدون} بالياء.
وأخرج ابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه: {إنني بريء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين} قال: إنهم يقولون إن الله ربنا {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله} [ الزخرف: 87] فلم يبرأ من ربه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال: في الإِسلام أوصى بها ولده.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال: الإِخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يقولها من بعده {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون، أو يذكرون.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن عباس {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال: لا إله إلا الله في عقبه، قال: عقب إبراهيم ولده.
وأخرج عبد بن حميد، عن الزهري قال: عقب الرجل ولده الذكور والاناث وأولاد الذكور.
وأخرج عبد بن حميد، عن عبيدة قال: قلت لإِبراهيم: ما العقب؟ قال: ولده الذكر.
وأخرج عبد بن حميد، عن عطاء في رجل أسكنه رجل له ولعقبه من بعده أتكون امرأته من عقبه؟ قال: لا ولكن ولده عقبه.

.تفسير الآيات (29- 30):

{بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30)}
أخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {بل متعت هؤلاء} برفع التاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه {بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين} قال: هذا قول أهل الكتاب لهذه الأمة، وكان قتادة رضي الله عنه يقرؤها {بل متعت هؤلاء} بنصب التاء.
وأخرج ابن جرير عن السدي: {ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر} قال: هؤلاء قريش قالوا: للقرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم: هذا سحر.

.تفسير الآيات (31- 32):

{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قول الله: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} ما القريتان؟ قال: الطائف ومكة، قيل: فمن الرجلان؟ قال: عروة بن مسعود، وخيار قريش.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قول الله: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال: يعني بالقريتين مكة والطائفة، والعظيم الوليد بن المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال: يعني من القريتين مكة والطائف، والعظيم الوليد بن المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال: يعنون أشرف من محمد، الوليد بن المغيرة من أهل مكة، ومسعود بن عمرو الثقفي من أهل الطائف.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة قال: قال الوليد بن المغيرة: لو كان ما يقول محمد حقاً، أنزل علي هذا القرآن، أو على عروة بن مسعود الثقفي، فنزلت {وقالوا: لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال: القريتان مكة والطائف. قال ذلك مشركو قريش. قال: بلغنا أنه ليس فخذ من قريش إلا قد ادعته، فقالوا: هو منا وكنا نحدث أنه الوليد بن المغيرة، وعروة بن مسعود الثقفي. قال: يقولون فهلا كان أنزل على أحد هذين الرجلين، ليس على محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {على رجل من القريتين عظيم} قال: عتبة بن ربيعة من مكة، وابن عبد ياليل بن كنانة الثقفي من الطائف، وعمير بن مسعود الثقفي، وفي لفظ وأبو مسعود الثقفي.
وأخرج ابن عساكر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال: هو عتبة بن ربيعة- وكان ريحانة قريش يومئذ.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن الشعبي رضي الله عنه في قوله: {على رجل من القريتين عظيم} قال: هو الوليد بن المغيرة المخزومي، أو كنانة بن عمر بن عمير، عظيم أهل الطائف.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا} قال: قسم بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا كما قسم بينهم صورهم وأخلاقهم، فتعالى ربنا وتبارك {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات} قال: فتلقاه ضعيف الحيلة، عييّ اللسان، وهو مبسوط له في الرزق، وتلقاه شديد الحيلة سليط اللسان وهو مقتور عليه {ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً} قال: ملكة يسخر بعضهم بعضاً يبتلي الله به عباده، فالله الله فيما ملكت يمينك! {ورحمة ربك خير مما يجمعون} قال: الجنة.

.تفسير الآيات (33- 35):

{وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)}
أخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله لولا أن يجزع عبدي المؤمن لعصبت الكافر عصابة من حديد، فلا يشتكي شيئاً، ولصببت عليه الدنيا صباً» قال ابن عباس رضي الله عنهما: قد أنزل الله شبه ذلك في كتابه في قوله: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} الآية يقول: لولا أن أجعل الناس كلهم كفاراً، لجعلْتُ لبيوت الكفار سقفاً من فضة {ومعارج} من فضة، وهي درج {عليها يظهرون} يصعدون إلى الغرف، وسرر فضة {وزخرفاً} وهو الذهب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} قال: لولا أن يكون الناس كفاراً، {لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة} قال: السقف أعالي البيوت {ومعارج عليها يظهرون} قال: درج عليها يصعدون {وزخرفاً} قال: الذهب {والآخرة عند ربك للمتقين} قال: خصوصاً.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} قال: لولا أن يكفروا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن الشعبي رضي الله عنه في قوله: {سقفاً} قال: الجزوع {ومعارج} قال: الدرج {وزخرفاً} قال: الذهب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} قال: لولا أن يكون الناس أجمعون كفاراً، فيميلوا إلى الدنيا، لجعل الله لهم الذي قال. قال: وقد مالت الدنيا بأكبر همها، وما فعل ذلك، فكيف لو فعله!.
وأخرج أحمد والحاكم، عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {أهم يقسمون رحمة ربك} قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب، فمن أعطاه الدين فقد أحبه».
وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجة، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء».

.تفسير الآيات (36- 40):

{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (40)}
أخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن عثمان المخرمي، أن قريشاً قالت: قيضوا لكل رجل رجلاً من أصحاب محمد يأخذه، فقيضوا لأبي بكر رضي الله عنه طلحة بن عبيد الله، فأتاه وهو في القوم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إلام تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللات والعزى! قال أبو بكر رضي الله عنه: وما اللات؟ قال: ربنا. قال: وما العزى؟ قال: بنات الله. قال أبو بكر رضي الله عنه: فمن أمهم؟ فسكت طلحة، فلم يجبه، فقال طلحة لأصحابه: أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة: قم يا أبا بكر، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فأنزل الله: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس {ومن يعش عن ذكر الرحمن} قال: يعمى قال ابن جرير هذا على قراءة فتح الشين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة {ومن يعش} قال: يعرض {وإنهم ليصدونهم عن السبيل} قال: عن الدين {حتى إذا جاءنا} جميعاً هو وقرينه.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {حتى إذا جاءنا} على معنى اثنين هو وقرينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ومن يعش} الآية. قال: من جانب الحق، وأنكره وهو يعلم أن الحلال حلال وأن الحرام حرام، فترك العلم بالحلال والحق لهوى نفسه، وقضى حاجته، ثم أراد من الحرام، قيض له شيطان.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد الجزري في قوله: {نقيض له شيطاناً} قال: بلغنا أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان، ولم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار، فذلك حين يقول: {يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} قال: وأما المؤمن، فيوكل به ملك حتى يقضى بين الناس، أو يصير إلى الجنة.
وأخرج ابن حبان والبغوي وابن قانع والطبراني وابن مردويه، عن شريك بن طارق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منكم أحد إلا ومعه شيطان قالوا: ومعك يا رسول الله؟ قال: ومعي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم».
وأخرج مسلم وابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً قالت: فغرت عليه فجاء، فرأى ما أصنع، فقال ما لك يا عائشة أَغِرْت؟ فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك، فقال: أقد جاء شيطانك؟ قلت: يا رسول الله، أمعي شيطان؟ قال: نعم، ومع كل إنسان. قلت: ومعك؟ قال: نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم».
وأخرج مسلم وابن مردويه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن. قالوا: وإياك يا رسول الله، قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني الا بخير».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن. قالوا: وإياك يا رسول الله، قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم».
وأخرج أحمد في الزهد، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: ليس من الآدميين أحد إلا ومعه شيطان موكل به، أما الكافر، فيأكل معه من طعامه ويشرب معه من شرابه وينام معه على فراشه، وأما المؤمن، فهو يجانب له، ينتظره حتى يصيب منه غفلة، أو غرة، فيثب عليه، وأحب الآدميين إلى الشيطان، الأكول النؤوم.